آخر تحديث: 19 / 6 / 2025م - 6:45 م

خطباء منابر عاشوراء والمطلوب

سلمان العنكي

يجب أن تكون عاشوراء الإمام الحسين منظومة دروس متكاملة لشؤوننا الدينية والدنيوية، وهي كذلك مطلبنا من الأفاضل أرباب المنابر، بالإضافة للأساليب والبرامج المتعارف عليها، التعرض لثلاثة محاور تمثل قضايا اجتماعية ابتلائية تحول بعضها من مشكلة إلى ظاهرة:

أولًا: السلوك الاجتماعي والأسري وفيه:

1 - المخدرات: تلعب هذه الآفة الفتاكة دورًا خطيرًا ”خصوصًا بالشباب“، مهددة العقول بالتلف والأرواح بالفناء والأعراض بالهتك والأموال بالضياع، وحياة الأجيال القادمة بالفشل. تغتال الطفولة على براءتها لغياب المربي والمعيل، وتخيف الوالدين على مصير أبنائهم المجهول، وتباعد بين الأحباب؛ جرائم ودخول سجون وحالات أمرها يطول. على الخطيب أن يوضح أفعالها المدمرة وكيفية التخلص منها، ومسؤولية الأسرة والمجتمع. ما نمر به ونسمعه كل صباح ومساء من كوارث مأساوية دليل واضح وشاهد على خطورتها، ولا أحد منا عنها ببعيد. ”نار أحْرَقَتْ جارك لا تأمن منها على دارك“.

2 - التنبيه على الشباب باقتحام سوق العمل المشروع: المتوافق مع القانون، بغض النظر عن الشهادة والتخصص. إن لم يجد حاملها ما يناسبه اليوم، فعليه ما يتوفر حينها، مع بحثه عن هدفه المنشود، حتى لا يصيبه جلوسه في البيت لأشهر وربما لسنوات منتظرًا وظيفة توافق تخصصه، مضيعة وتفويت للفرص، والتعود على الخمول يصعب فيما بعد الخروج منه والتأقلم مع المستجد.

3 - العنوسة والعزوف والطلاق: البحث في المسببات وإيجاد طرق وحلول لمعالجتها، وتشجيع من يساعد في تبني مثل هذه المشاريع الإصلاحية بالطرق الصحيحة.

ثانيًا: الميراث:

هو كل ما تركه المتوفى من ثابت ومنقول قابل للقسمة، بعد استبعاد المستحقات الواجبة في مقدمتها الديون الثابتة وما جاء في الوصية، بشرط صحتها. وأنا هنا لا أتعرض للناحية الشرعية، إنما عن موقف الورثة ونزاعهم عليه. وفيه وبحكم خبرتي الطويلة في هذا المجال، مرت عليَّ خلافات لورثة ”وما أكثرها“ تنازعوا على إرثٍ أخجل أن أذكر الأسباب خشية عدم التصديق ”لأنها أقل من تافهة“ حتى خسرها الجميع، وبقيت العداوة يتوارثها الأجيال. من هنا أتمنى تنبيهًا وتوعية ونصيحة بسرعة قسمتها، وبيان المخاطر والمخالفات والسلبيات الناتجة عن المماطلة.

ثالثًا: الروائي الأدبي التاريخي:

1 - بعض الروايات ومقاطع الأدعية: تحتاج شرحًا وتوضيحًا، بالخصوص المتعلقة بالعقيدة. غالبية المستمعين يجهلون ما تعني وتقصد، إلى أن يشككوا في مصداقيتها مع صحتها. أفكار المجتمع متباينة: راقٍ ومتوسط وضعيف، يُخاطب كل بمستواه، مع التركيز على الأخير ليوقظ من سبات جهله، إنه في أمس الحاجة لذلك.

2 - ”لسان الحال“: لا يخلو خطيب دون أن يذكر في نعيه ”لسان الحال“ حتى أصبح يمثل هاجسًا يتمثل في عدم فهم معناه للناشئة، ومن جرأة وتعدٍ أحيانًا على مقام المنسوب إليه ”وإن كانت غير مقصودة“. لهذا يتخذ الحيطة والحذر عند طرح واختيار ما يناسب ولا يشين أو ينتقص المعني.

3 - تاريخنا ”ليس قرآنًا أحكمت آياته“: ليس قطعي الصدور، إنه يحمل مغالطات كتبت بميول عاطفية، واعتمد بعضه على مصادر مشبوهة مغرضة لسنوات، بدءًا من البعثة النبوية الشريفة مرورًا بالأحداث والمواقف التي أعقبتها إلى عصرنا الحالي. ولا ينكر إلا من جهل أو غلب هواه. وحتى نكون بعيدين عن المجاملة، قريبين من المصداقية، ”نسارع إلى إعادة صياغتها بحقائق منقحة قبل أن تخرج عن السيطرة“. مجتمعنا يزخر بالعلماء والمفكرين والباحثين والمحققين للروايات والمنقولات، عليهم غربلتها من الشوائب الدخيلة بالإثبات أو النفي اعتمادًا على الأدلة المسنودة التي تصلح حجة حسب ضوابط أصحاب الاختصاص. ومن يرد بالسلب أن يبني على أسس علمية دامغة تصمد لمقارعة المردود عليه، بعيدًا عن الشخصنة والتهريج والمهاترات، حتى لا نهمش أصل الموضوع وندخل في صراعات همجية نغيب ما نسعى لمعرفته. ”نحن نريد حلًا لمشكلة لا خلقًا لمشاكل“. أملنا في خطبائنا الكرام بذل الجهد والإخلاص في العمل، ولهم منا الشكر والدعاء بالتوفيق.