مختصون لـ ”جهات“ يحذرون: تقليد ”المشاهير“ يهدد الشباب نفسياً واقتصادياً ويزعزع استقرار الأسر

حذر عدد من المختصين في مجالات علم النفس والاجتماع والاقتصاد من الأبعاد الخطيرة لظاهرة تقليد مشاهير ومدوني وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت سلوكاً شائعاً ومتزايداً، خاصة بين الشباب والمراهقين.
وأكد المختصون في حديثهم لـ ”جهات الإخبارية“، أن هذا التقليد، الذي قد يبدو سطحياً أو بريئاً في ظاهره، ينطوي على مخاطر حقيقية تهدد الصحة النفسية للأفراد، وتماسك العلاقات الأسرية، والاستقرار المالي للمجتمع.
ومن الناحية النفسية، أوضح المختص جلال الناصر أن قدرة المدونين على بناء التأثير تأتي من عوامل متعددة، كجودة المحتوى، والشفافية، واستخدام الأساليب العاطفية والقصص الشخصية، وتوظيف الوسائط المتعددة، بالإضافة إلى اكتساب صفة ”الدليل الاجتماعي“ مع ارتفاع عدد المتابعين.
وحذر بشدة من الجانب السلبي لهذا التأثير، متمثلاً في تقديم صورة مثالية وغير واقعية للحياة تدفع المراهقين للمقارنة، مما يؤدي إلى الشعور بالنقص، وتدني تقدير الذات، ومشاكل في صورة الجسد.
وأشار إلى ظاهرة ”الخوف من فوات الفرصة“ ”FOMO“ الناتجة عن متابعة حياة المشاهير المليئة بالإثارة، وما تسببه من قلق وعزلة، فضلاً عن خطر التعرض للتنمر الإلكتروني، مشدداً على أهمية تنمية التفكير النقدي لدى الأبناء.
واجتماعياً، أشار المختص جعفر العيد إلى أن التقليد يصدر غالباً عن أفراد داخل الأسرة ”كمراهق أو أحد الوالدين“ بدوافع منها الانجذاب للشخصية المشهورة، أو الرغبة في المحاكاة، أو الشعور بالفراغ وغياب القدوة.
وتوافقه الرأي المختصة هدى البقشي التي وصفت تأثير محتوى المشاهير على الشباب بـ ”الصاروخي“، مرجعة سبب التقليد إلى رغبة الأفراد في تجربة أنماط حياة مختلفة هرباً من روتينهم.
وأكد كلاهما أن هذا السلوك يؤثر سلباً على العلاقات الأسرية، وقد يخلق خلافات زوجية، ويضعف التواصل، ويغير مفاهيم أساسية لدى الأبناء، مما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم.
ونبه العيد إلى أن الانسياق خلف مظاهر الرفاهية المصطنعة قد يثقل كاهل الأسرة مالياً، وأن طريقة تعامل الوالدين مع تقليد الأبناء ”باللين والحوار لا العنف“ هي مفتاح التوجيه الصحيح.
وعلى الصعيد الاقتصادي، حذر الخبير ماهر السيف من مغبة تقليد المشاهير في الإنفاق دون تخطيط مالي، مؤكداً أن ذلك قد يقود الأسر إلى دوامة الديون، خاصة وأن ما يعرضه المشاهير غالباً ما يكون هدايا أو إعلانات، بينما يدفع المتابع مقابلاً حقيقياً من ماله.
وشدد على ضرورة وضع ميزانية أسرية واضحة تضبط الإنفاق على الكماليات، وتغليب الادخار والاستثمار في الذات على المظاهر.
واتفق المختصون على أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تضافر الجهود، بدءاً من الأسرة عبر التربية المبكرة والحوار وتقديم القدوات الصالحة وتعزيز القيم، ونشر الأفكار الإيجابية واحترام الآراء وتعزيز التفكير الناقد، وتزويد الأبناء بمهارات التحقق من المعلومات، وصولاً إلى التخطيط المالي السليم والوعي الاقتصادي، مؤكدين جميعاً أن قيمة الإنسان الحقيقية لا تكمن في تقليد الآخرين.