القصص لا تولد من الورق… بل من روح الكاتب
عن محمد الحميدي، وعن كل من قرر أن يخلع قلبه على هيئة قصة.
في زوايا القطيف الوادعة، حيث يلتقي الملح بالنخيل، والبحر بالحرف، تنهض مبادرات ليست كغيرها، مبادرات لا تُطلق فقط العنان للثقافة، بل تُطلق الروح من قيد الصمت، وتعيد للكتابة وظيفتها الأولى: أن تكون وطناً… أن تكون خلاصاً.
من بين هذه المبادرات، تبرز ورشة الكاتب والناقد والروائي محمد الحميدي، وكأنها نداءٌ قديمٌ في ذاكرة كل من حاول أن يكتب، ولم يستطع.
في زمن تُخلط فيه الحكاية بالحشو، والجملة بالزينة اللفظية، يقف الحميدي ليقول: ”لا تكتب لتبهر، بل اكتب لتُدهش نفسك أولاً“.
هذه ليست ورشة تقليدية عن ”كيف تكتب“، بل أقرب إلى إعادة ترتيب الوعي السردي للكاتب، ليعرف أولاً لماذا يكتب؟
هنا، لن تتعلم فقط كيف تُشيد حبكة مشوقة، بل كيف تشعر بها في داخلك قبل أن تنبض بها شخصياتك.
هل شخصيتك الورقية تتنفس؟
هل مشهدك يُرى بعين الروح؟
هل جملك تقول أكثر مما تكتب؟
القطيف لا تقدم اليوم أمسية شعرية ولا معرضاً فنياً، بل تزرع فيك بذرة سردٍ حقيقي، لأن الإبداع هنا ليس ترفاً ثقافياً، بل ضرورة وجودية…
وفي ورشة الحميدي، كل حرف له وظيفة، وكل شعور له مخرج، وكل صمت يملك توقيت ظهوره.
وهذا ما يعيد اكتشافه كل من يدخل إلى مختبر الحكاية في هذه الورشة.
فأنت لا تحتاج إلى الإلهام فقط، بل إلى معرفة كيف تطارد اللحظة الدرامية، كيف تصطادها، ثم تُقنع القارئ بأنك لم تُخطط لها قط.
ما يميّز الورشة حقاً أنها لا تُعلِّمك كيف تكتب فقط، بل كيف تقرأ نفسك ككاتب.
• لمن يكتب؟
• ولماذا؟
• وهل يستحق ما كتب أن يُقرأ؟
هذه الأسئلة العنيفة التي تهرب منها النصوص العادية، تُحاصرها هذه الورشة لتجعل من كل قصة مشروع حياة، لا مشروع ورقة.
فمن خرج من ورشته، خرج وفي قلبه مقبض باب جديد: إما أن يدخله ليكتب فعلاً، أو يبقى يطرق الحائط الخاطئ بقلم مكسور.
ولأن القطيف مدينة ليست كسواها، فهي لا تحتضن الإبداع فحسب، بل تحرضه على التجاوز.
مدينة تعشق أن تُقدّم أبناءها كنجوم لا تُطفأ، وتؤمن أن كل شاب أو شابة يستطيع أن يكتب نفسه، لو وجد من يقود قلمه إلى شفافية الفكرة، لا زخرف العبارة.
أيها الكاتب الذي بداخلك، هذه فرصتك لتنهض… لا لتكتب، بل لتتكوّن.
هذه ليست ورشة، بل مرآة… سترى فيها نفسك كما لم ترها من قبل، وربما - إن صدقت - ستبكي على كل سطر كتبته سابقًا دون وعي.
القصص لا تُولد من الورق، بل من قلبك إذا خاف أن يتكلم.
وها هو الحميدي يفتح لك هذا القلب، ويدعوك لتكتبه.