آخر تحديث: 3 / 5 / 2025م - 2:26 ص

زهرة بمحضر النور

تمثل شخصيتها أشعة من أنوار المعرفة وضياء الطاعة لله تعالى ونشر مبدأ الاستقامة والكمال الإنساني، وهذه الإضاءات تستمد من الدوحة المحمدية التي تنتمي إليها في ألقها وصفاتها ومآثرها، فكانت حياتها - بحق - تجسيدا لتلك الفضائل في نقاء النفس وطهارتها من دنس الشهوات والأهواء والخضوع لها، وليس هناك من طريق فعال في تربية النفس وتهذيبها ومحفز لها في طريق اكتساب الكمالات والصفات الجمالية التي تأخذ بشخصية الإنسان نحو الرقي، كاتخاذ منهجية مثل سيرة العظماء ممن تنزّهوا من دنس الخطايا والعيوب، وعملوا بقوة في ميدان الطاعة وتبليغ المعارف الحقة.

السيدة المعصومة كانت رمزًا للعفة في كل ما يصدر منها بما يعكس علائم الصدق مع النفس والورع عن المحارم والخوف من الله تعالى، فالعقل الرشيد يضع نصب جهده وعيني بصيرته تلك النماذج التي يحتذى بها ويسير على خطاها في طريق الطاعة وعمل الخير وتنوير العقول بالمعارف والحكم المفيدة، وهذا ما يتجلى في القوة الداخلية الممانعة للوقوع في وحل الخطايا وتلويث النفس بالمعايب، فمهما كانت الظروف الحياتية تحمل معها التحديات والصعوبات فإن مغالبتها ومواجهتها يحمل معاني الانتصار وتحقيق الذات، وتكوين بقعة الضوء التي تبزغ في طريق التقوى وتكامل القدرات، فالعارف بالله تعالى يصل إلى نتيجة حاسمة مفادها أن التكامل والرقي ينبثق من محراب العبادة ومضامينها العالية من التمسك بالحق والثبات وصيانة النفس من المحرمات، فميدان التقرب إلى الله تعالى يحوّل جميع خطانا وأحاديثنا باتجاه واحد هو البحث عن رضاه وتجسيد الإرادة الإلهية بعمارة الأرض بالخيرات، فالحياة الطيبة والسعيدة هي مجمل ما يصدر منا طلبا لرضا المعبود في مختلف جوانب حياتنا وعلاقاتنا.

والسيدة المعصومة ضربت مثلا رائعا في الاستفادة القصوى من العمر وتوظيفه في طريق الخير والتبليغ المعرفي، لما كانت تتمتع به من معارف جمة استطاعت من خلالها أن تأخذ دورا محوريا في نشر تلك المعارف، وتلك المعرفة لا تؤثر في تكوين المخزون العلمي وتنوير الأفكار في عقل الإنسان وحسب، ولكنها معرفة تنتظم على أساسها سلوكيات الفرد، فيتصرف وفق بصيرة بأن الله تعالى يراه في كل أحواله ويستعد في حياته للوقوف يوم القيامة بين يدي ميزان العدالة والمحاسبة الإلهية، وهذا ما يقوّي روح التقوى والمناعة النفسية ويقظة الضمير أمام خطوات الشيطان الرجيم وأهواء النفس الأمارة بالسوء، وبالتأكيد أن هذه المعرفة تزهر في اكتساب الفرد المكارم والفضائل الأخلاقية وتنزّهه عن الرذائل والمعايب، كما أن علاقته بالآخرين تخضع لميزان احترام الغير ووضع خط أحمر أمام خصوصياته أو التعدي عليه بأي شكل من أشكال الإساءة، وهذا ما يشكل حقيقة التوازن في شخصية الإنسان بين جانب العبادة ومضامينها العالية، وتنعكس تلك الإضاءات المعرفية على سلوكياته وتصرفاته.