أربعة أسباب تدفعنا للارتباط بالمسجد
يشكل الارتباط بالمسجد حجر الأساس في حياة الإنسان، يتمثل في بناء العلاقة مع الله مبكرًا. ومن الآيات القرآنية التي تؤكد أن بناء العلاقة مع الله والارتباط ببيوته تؤول بالإنسان إلى درجات العلى، الآيتان 35 و 37 من سورة آل عمران التي تتحدث عن امرأة عمران، وفيها من الإشارة والدلالة ما يُغني عن الكلام. قال تعالى:
﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: آية 35]
وكانت نهاية القرب:
﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: آية 37]
فأول دواعي الارتباط بالمسجد هو خلق التوازن النفسي في حياة الإنسان، خصوصًا مع وجود هذا الكم الهائل من وسائل إغراق الإنسان في متطلبات حياته المادية. فالانفلات من أسر الضغوط اليومية ومشاغلها، والركون إلى بيوت الله يعيد شيئًا من الهدوء والسكينة لنفسه وقلبه، ويزيل مشاعر الضيق والاكتئاب ولو بشكل مؤقت.
أما السبب الثاني، فهو بناء العلاقات الإنسانية التي لا تُصنع عادة إلا في قلب المؤسسات الاجتماعية والرسمية، كالمدرسة والنادي والمسجد وغيرها.
أما فيما يخص السبب الثالث، فهو تعلم معالم الدين وأحكامه، لأنه من الواضح أن لكل مؤسسة اهتمامها واختصاصها، فكما أن الأندية تهتم باللياقة البدنية والبطولات الرياضية، وتهتم الجمعيات الخيرية برعاية الفقراء والمحتاجين، فالمساجد كذلك تهتم بإقامة الصلاة، ومعرفة الدين، وترسيخ العلاقة مع الله.
آخر هذه الأسباب: الابتعاد عن أصدقاء السوء وتجار السموم، والأفكار المشوهة، لأنها ببساطة ليست مقصدًا لهم، ولا يرونها تنسجم مع أفكارهم وتطلعاتهم.
أسباب الارتباط بالمسجد قد تزيد، وقد ننجح في جني بعض فوائدها، كما في الرواية التي ذكرها الحرّ العاملي في كتابه وسائل الشيعة، ج 5، ص 197:
محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سعد الإسكاف، عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود، عن الأصبغ، عن علي بن أبي طالب قال: كان يقول:
”من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخًا مستفادًا في الله، أو علمًا مستطرفًا، أو آية محكمة، أو يسمع كلمة تدل على هدى، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردي، أو يترك ذنبًا خشيةً أو حياءً.“