استشاري يحذر: التهاون في حمية السيلياك قد يعرّض نمو الطفل للخطر على المدى الطويل

أكد الدكتور وليد العتيبي، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد لدى الأطفال، أن مرض ”السيلياك“، المعروف أيضاً بحساسية القمح المعوية، يمثل حالة مناعية التهابية تؤثر بشكل مباشر على الأمعاء الدقيقة.
وأشار إلى أن السبب يكمن في رد فعل تحسسي تجاه بروتين الغلوتين المتواجد في الحبوب كالقمح والشعير والشوفان غير النقي.
وأوضح أن هذا التفاعل المناعي يؤدي إلى عواقب صحية تستدعي التعامل معها بجدية والتزام علاجي دقيق.
ولفت إلى أن الآلية المرضية للسيلياك تتسبب في إحداث تلف تدريجي ومستمر في شعيرات الامتصاص الدقيقة التي تبطن جدار الأمعاء، مما يعرقل بشكل كبير قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية الحيوية من الطعام المهضوم.
وأضاف أن تداعيات المرض لا تنحصر في الجهاز الهضمي فقط، فبجانب الأعراض الشائعة كانتفاخ البطن والشعور بالألم، قد يعاني المصابون من مشاكل صحية عامة مثل فقر الدم «الأنيميا»، وتأخر النمو الملحوظ أو قصر القامة، وظهور تقرحات متكررة ومؤلمة في الفم واللثة، بالإضافة إلى إمكانية ظهور طفح جلدي مميز وآلام في المفاصل.
وبيّن الاستشاري أن هناك فئات سكانية تعتبر أكثر عرضة لتطوير مرض السيلياك مقارنة بغيرها، وتشمل هذه الفئات الأفراد المصابين بداء السكري من النوع الأول، وأولئك الذين يعانون من قصور أو كسل في وظائف الغدة الدرقية ذي المنشأ المناعي، بالإضافة إلى الأشخاص المصابين بمتلازمة داون.
وأكد على دور الاستعداد الجيني كعامل مهم في قابلية الإصابة بالمرض.
وفيما يخص عملية التشخيص، أفاد الدكتور العتيبي بأن المسار يبدأ عادةً بإجراء تحاليل مخبرية للدم للكشف عن وجود أجسام مضادة محددة للغلوتين.
وتابع أنه في حال كانت نتائج هذه الفحوصات إيجابية أو أظهرت مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة، فإن الخطوة التالية تتمثل في إجراء فحص تنظيري للجهاز الهضمي العلوي، يتم خلاله أخذ عينات نسيجية صغيرة من بطانة الأمعاء الدقيقة، وبالأخص من منطقة الاثني عشر، ليتم فحصها مجهرياً للتأكد من وجود التلف والضمور المميز لشعيرات الامتصاص.
وشدد الدكتور العتيبي على أن العلاج الأساسي والوحيد الفعال لمرض السيلياك يرتكز بشكل كلي على الالتزام بنظام غذائي صارم ومستمر مدى الحياة، يخلو تماماً من أي مصدر لبروتين الغلوتين.
وأوضح أن قائمة الأطعمة الممنوعة تشمل بشكل رئيسي القمح والشعير والشوفان غير المضمون نقاؤه وخلوه من التلوث العرضي بالغلوتين، وبالتالي جميع المنتجات المصنعة منها كالخبز والمعكرونة والمعجنات والبسكويت وغيرها.
في المقابل، أشار إلى توفر بدائل غذائية آمنة ومناسبة للمصابين، مثل الأرز والذرة الصفراء ومشتقاتهما.
ونوه إلى الأهمية البالغة للتفريق وعدم الخلط بين مرض السيلياك وحساسية القمح التقليدية، مؤكداً أن لكل منهما طبيعة مرضية وآليات مناعية وطرق تشخيص وعلاج مختلفة كلياً.
واختتم الدكتور العتيبي حديثه بتوجيه نصيحة محورية، مؤكداً أن التقيد الصارم والدائم بالحمية الغذائية الخالية من الغلوتين هو بمثابة الدواء الفعال والضامن للسيطرة على المرض وتجنب مضاعفاته.
وحذر بشدة من أن أي تهاون أو عدم التزام بهذا النظام الغذائي، خصوصاً خلال سنوات النمو الحرجة لدى الأطفال، لن يؤدي فقط إلى معاودة ظهور الأعراض المزعجة، بل قد يتسبب في تأثيرات سلبية بالغة على نمو الطفل الجسدي وتطوره الصحي العام على المدى الطويل.