استشاري تغذية: هكذا نحمي أطفالنا من ضعف النمو وقصر القامة المرتبط بنمط الحياة

حذّر استشاري التغذية الإكلينيكية الدكتور عبد العزيز العثمان من تصاعد معدلات ضعف النمو وقصر القامة لدى الأطفال واليافعين في المملكة، مؤكدًا أن السبب الرئيس لا يعود لعوامل وراثية أو طبية معقّدة كما يُعتقد، بل يرتبط بشكل مباشر بنمط الحياة غير الصحي الذي يعيشه كثير من الأبناء في الوقت الحالي.
وقال العثمان، عبر مقطع توعوي، إن نسبة كبيرة من مراجعي عيادته يعانون بالفعل من ضعف واضح في النمو وفقًا للأرقام والتحاليل، مشددًا على أن قصر القامة بات ”مشكلة صحية منتشرة“ وليست ظاهرة عامة بعد، لكنها تدق ناقوس الخطر، وتستحق التدخل العاجل من الجهات المعنية.
وأوضح العثمان أن السبب الأكثر شيوعًا خلف هذه الحالات هو التغذية غير المتوازنة، والتي لا تعني فقط غياب الغذاء الصحي، بل الافتقار لكميات كافية من البروتينات الضرورية مثل اللحوم والدجاج والبيض، إضافة إلى تدنّي استهلاك مصادر الكالسيوم وفيتامين ”د“ كاللبن والتونة، والابتعاد عن التعرض للشمس.
وأشار إلى أن أغلب الأطفال والشباب الذين يعانون من ضعف النمو لديهم أيضًا نقص في الحديد والزنك، وهما عنصران لا غنى عنهما في دعم نمو العظام والعضلات والمخ. وقال إن هذا الخلل الغذائي يُقابله أيضًا ضعف ملحوظ في النشاط البدني، إذ أصبح الجيل الجديد حبيس الشاشات والألعاب الإلكترونية، على حساب الحركة واللعب الحر، ما قلّص من تحفيز العظام على النمو السليم.
وبيّن العثمان أن أحد أكثر الأسباب تأثيرًا في توقف النمو لدى الأطفال هو السهر، مؤكدًا أن هرمون النمو يُفرز أساسًا في الفترة ما بين العاشرة مساءً وحتى الرابعة فجرًا. ”الطفل أو المراهق الذي لا ينام خلال هذا التوقيت لا تتوقف قامته عن النمو فحسب، بل يتأثر أيضًا تطور دماغه، وقلبه، وعضلاته“، بحسب تعبيره.
وأضاف: ”كثير من الأهل يظنون أن قصر القامة أمر وراثي لا علاج له، أو يربطونه خطأً بالأدوية أو التطعيمات، لكن الواقع أن معظم الحالات التي أراها سببها نمط حياة غير صحي فقط، ويمكن معالجتها بسهولة إذا بادر الأهل مبكرًا“.
ودعا العثمان الأسر السعودية إلى عدم الاستهانة بمؤشرات ضعف النمو، ومراجعة العيادات المختصة في الغدد الصماء أو تغذية الأطفال بمجرد ملاحظة تأخر في الطول أو البنية الجسدية، مؤكدًا أن هناك فرصًا لتحسين النمو قبل سن العشرين، شرط التشخيص والتدخل المبكر.
وطالب الجهات المختصة بإجراء دراسات ميدانية دقيقة لرصد حجم المشكلة، وتحليل جذورها المجتمعية والصحية، واقتراح برامج توعوية وتغذوية تستهدف المدارس والأسر على حد سواء، مشددًا على أن الوقاية تبدأ من البيت والمدرسة قبل المستشفى.
واختتم حديثه بالقول: ”صحة أطفالنا في خطر صامت.. ولن نرفع هذا الخطر إلا بإعادة ضبط إيقاع الحياة اليومية لهم: غذاء سليم، نوم ليلي منتظم، وحركة بدنية يومية“.